ما هو الانكماش الاقتصادي Deflation ؟

الانكماش الاقتصادي هو مصطلح يشير إلى انخفاض في نشاط الاقتصاد بشكل عام أو خمول في الحركة الاقتصادية وتباطؤها حيث تهبط مستويات الأسعار وتتراجع معدلات النمو.

ويتم تعريفه عادةً بأنه انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي (الناتج الاقتصادي للبلد) لفترة معينة، حيث يكون معها مستوى الطلب أدنى بكثير من المعروض.
وتعد هذه الحالة هي إحدى مراحل الدورة الاقتصادية التي تأتي بعد مرحلة النمو, غير أن طول مدتها أهم ما يقلق صناع القرار.

وعندما يحدث الانكماش الاقتصادي، قد ينتج عنه تداعيات سلبية على الاقتصاد بشكل عام، مثل زيادة معدلات البطالة، وتراجع في معدلات النمو الاقتصادي، وتقلص في الإنتاج والإنفاق الاقتصادي.


التطور التاريخي لمفهوم الانكماش

لم يكن علماء الاقتصاد قديًما يعرفون كلمة انكماش بالمعنى الحرفى، وكانت تعرف على انها فترة من الكساد يعود بعدها الوضع الطبيعى من حيث التوازن بين المعروض والمطلوب، إلى ان دخل مصطلح الانكماش فعليًا ضمن المصطلحات الاقتصادية وكان هذا في بداية القرن 19، وعندما دخل التضخم إلى المصطلحات الاقتصادية أصبحت كلمة الانكماش تعني إزالة التضخم
وقد ارتبط مفهوم الانكماش بمفهوم التضخم ارتباطاً وثيقاً, لكنه ارتباط من جانب واحد فيعتبر الانكماش علاج للتضخم في حين أنه لا يمكنك أن تعالج الأنكماش بالتضخم، بل الحل في عودة التوازن.


كيف يمكننا معرفة وجود انكماش ؟
 

يمكن الاستدلال على الانكماش الاقتصادي من خلال 3 مؤشرات أساسية فى اى اقتصاد
1- الأسعار تنخفض
2- زيادة أعداد العاطلين
3- زيادة في ميزان المدفوعات


أسباب الانكماش الاقتصادى

يوجد العديد من الأسباب التي من الممكن أن تؤدي إلى الانكماش الاقتصادي وتراجع الإنتاج
سواء كانت هذه الاسباب منفرده أو مجتمعة
1-  تراجع الطلب الخارجي على المنتجات المحلية (تراجع التصدير)

2- تقلص أعداد السائحين

3- انخفاض تحويلات العمال المقيمين بالخارج

4- إرتفاع أسعار السلع الأولية والطاقية المستوردة مثل النفط

5- انخفاض الاستثمارات

6- حدوث أزمات بسبب انفجار الفقاعات المالية التي تنشأ عن المضاربة ,وتمثل أزمة الرهن العقاري التي اندلعت في الولايات المتحدة عام 2007 نموذجا يستشهد به
7- التقشف الحكومي في الإنفاق رغبة في خفض عجز الميزانية حيث ينتج عن هذا تراجع في الاستهلاك والاستثمار, بالتالي يؤدى إلى انخفاض الطلب الذي يعقبه انخفاض في الإنتاج
8- اعتماد البنك المركزي لسياسة نقدية انكماشية رغبة في التحكم في الأسعار ومواجهة التضخم, مما ينعكس سلبا على الائتمان بسبب ارتفاع سعر الفائدة وتناقص السيولة.


أثار الإنكماش على الاقتصاد

يؤدي الانكماش إلى تعطيل دور النقود في النشاط الاقتصادي وامتصاص الزيادة في الرصيد النقدي، أيضًا حصر النشاط الحكومي ونشاط المشاريع التجارية وحجم الائتمان وانعدام الانفاق سواء حكومى أو استثمارى او خاص، ومن ثم يقل النشاط الإنتاجي وتتجمد معدلات النمو وتعود الأسعار إلى الهبوط.
فالانكماش يعنى توافر حجم ضئيل من السيولة لا يتناسب مع الاحتياجات وبالتالى سيؤدي ذلك إلى تفضيل النقود كمخزن للقيمة ( الادخار ) عن وظيفتها كوسيط للمبادلة وبذلك يتعطل استخدام النقود، حيث ينخفض الاستهلاك الفردي وتقلل الأسر من مصاريفها وتقل حركة المدفوعات وتبطئ دورة التداول ويتناقص حجم الائتمان.

كما تنعدم حركة التمويل وتحتفظ المشاريع التجارية أيضاً بكثير من أصولها في شكل نقدي أو مالي ، بدلاً من أن تحولها إلى استثمارات حقيقية جديدة أو تستخدمها في استبدال الطاقة الإنتاجية المستهلكة وبالتالي تكف عن زيادة الإنفاق والتوسع.

في الانكماش أيضًا ينعكس الاختلال على نظام الأسعار بطريقة معاكسة للتضخم، فيحدث إنخفاض في الأسعار لكنه يتم بطريقة عشوائية غير متوازنة ومتفاوته حسب الأهمية بالنسبية للسلع والخدمات، فهناك بعض السلع تحقق معدلات انخفاض كبيرة ويقابلها سلع أخرى تنخفض أسعارها بدرجة أقل، وبذلك تختل معدلات المبادلة بين هذه السلع.
كما تتغير كذلك تكاليف عناصر الإنتاج ، وتنخفض أجور العمال والموظفين لكنها تكون بنسبة أكبر من انخفاض أسعار السلع الاستهلاكية التي يقل الطلب عليها فينخفض الإنتاج ويقل أو ينعدم النمو وبالتالي تتفاقم البطالة.


كيف تتم معالجة الانكماش الاقتصادي ؟

لعلاج الانكماش يجب إتخاذ بعض الإجراءات لتحريك العجلة الاقتصادية ودفع المجتمع إلى الاستثمار وبالتالى زيادة النمو وإنعاش الإقتصاد

ومن بين هذه الإجراءات:-

1- سياسة نقدية:

-خفض معدلات الفائدة: حيث يمكن خفض معدلات الفائدة من قبل البنك المركزي لتشجيع الاستثمار والإنفاق الاستهلاكي، حيث انه مع معدلات الفائدة الأقل يحدث زيادة في حجم الإقراض، خاصة الإقراض الذي يهدف إلى الاستثمار وبناء مشاريع تجارية، وبالتالي يتوجة المستثمرين بشكل أكبر إلى البنوك للأقتراض.

- التيسير الكمي: تلجأ البنوك المركزية إلى رفع مستوى السيولة في المجتمع بشكل مباشر عن طريق ضخ أموال نقدية في القطاع المصرفي بما يسمى التحفيز النقدى أو التيسير الكمى

2- سياسة أقتصادية

بالنسبة للسياسة الاقتصادية فتقوم الدولة بخفض معدلات الضرائب واعفاء البعض منها نهائيا , وذلك لإبقاء أكبر قدر ممكن من النقود في أيدي أفراد المجتمع وذلك لسببين

أولاً:- تخفيف الأعباء المالية

ثانياً:- تحفيزهم للأستهلاك أو الاستثمار
لأن زيادة الاستثمار تخلق فرصاً جديدة للعمل وبالتالي تهبط مستوى البطالة وتزيد من الحركة الاقتصادية وترفع النمو الاقتصادي
وزيادة الاستهلاك من شأنها أن ترفع الطلب على السلع وبالتالي تحفز المستثمرين على الإنتاج وهذا يؤدي في النهاية إلى زيادة النمو .
إضافة إلى ان بعض الإعفاءات من الضرائب تكون لتحفيز الاستثمار .
كما أن الدولة تعمل على زيادة إنفاقها على المشاريع العامة المنتجة كبناء الطرق والمؤسسات والأعمال العامة ذات المنفعة الاجتماعية وهذه بدورها تزيد من الحركة الاقتصادية.


وفى النهاية فان السياسة المعالجة للانكماش سواء كانت اقتصادية أو نقدية تهدف الى شئ واحد وهو رفع السيولة وبما ان السيولة مرتفعة ستكون محفزة على الاستثمار ومن ثمو رفع مستوى الإنتاج وبالتالى النمو الاقتصادي.


ماالفرق بين الانكماش الاقتصادى والركود(الكساد)؟

عندما يتعرض اقتصاد ما لانكماش بمعدلات قياسية فإن ذلك يدعى كسادا أو انهيار
فالكساد هو الوضعية الكارثية التي يصل إليها الاقتصاد بعد مرحلة الانكماش إذا ما عجزت السياسات الاقتصادية والنقدية في معالجته
وعلى الرغم من عدم وجود تعريف معتمد لمصطلح الكساد أو الركود فإن أغلبية من المحللين الاقتصاديين يتحدثون عن هذا الكساد حينما ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل يفوق 10%.

تأثير الانكماش الاقتصادي على العملات

هذا هو ما يهمنا فى كل ماسبق حتى نستفيد به فى تداولاتنا حيث يؤدي الانكماش الاقتصادي إلى اختلال الاستقرار النقدي وتراجع معدلات النمو وأيضًا البدء في خفض معدلات الفائدة، وتراجع الاستثمار بهروب أصحاب رؤوس الاموال وتضرر الاقتصاد كما ذكرنا، وهذا بالطبع سوف ينعكس سلباً على قيمة وسعر العملة وبالتالي يؤدي إلى هبوطها بشكل حاد.