ترامب يهدد الصين برسوم 200%: أزمة "المغناطيسات النادرة" تهز الأسواق العالمية

تصعيد جديد في الحرب التجارية

دخلت العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين مرحلة أكثر حساسية في 25 أغسطس 2025، بعدما هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 200% على واردات الصين إذا لم تلتزم بتزويد السوق الأميركي بمغناطيسات العناصر النادرة. الخطوة تعكس استخدام واشنطن لسياسة الضغط المباشر على ملف استراتيجي يشكل العمود الفقري لعدد من القطاعات الحيوية، مثل الدفاع، الطيران، السيارات الكهربائية، والإلكترونيات المتقدمة. هذا التصعيد يعيد للأذهان جولات سابقة من الحرب التجارية، ويضع الأسواق أمام معادلة صعبة بين استمرار هدنة هشة قائمة منذ أشهر، وبين احتمالية الدخول في موجة جديدة من الرسوم المتبادلة قد تعيد تشكيل مسار المفاوضات التجارية بالكامل.

 لماذا المغناطيسات عنصر حاسم؟

أهمية الملف تعود إلى أن الصين تستحوذ على نحو 90% من إنتاج ومعالجة مغناطيسات العناصر النادرة على مستوى العالم، ما يمنحها أداة نفوذ قوية في أي مواجهة تجارية مع الغرب. هذه المغناطيسات تُستخدم بشكل أساسي في الصناعات عالية التقنية والحساسة، من محركات الطائرات والصواريخ، مرورًا بالسيارات الكهربائية، وصولًا إلى الأجهزة الإلكترونية الاستراتيجية. أي قيود أو تعطّل في سلاسل التوريد الصينية سرعان ما ينعكس مباشرة على خطوط الإنتاج في أميركا وأوروبا. وفي المقابل، ترى الإدارة الأميركية أن فرض رسوم ضخمة يمثل وسيلة لتقليل المخاطر وإجبار بكين على إبقاء التدفقات مستقرة. هذا التوتر يكشف هشاشة سلاسل القيمة العالمية، ويؤكد أن أي خلل في توازن الإمداد يمكن أن يتحول إلى أداة ضغط متبادلة بين أكبر اقتصادين في العالم.

 قراءة استشرافية: السيناريوهات المحتملة

المشهد المستقبلي أمام الأسواق يحمل ثلاثة مسارات رئيسية: الأول يتمثل في صفقة تكتيكية سريعة تضمن استمرار تدفقات المغناطيسات مقابل تعليق الرسوم، ما يوفر استقرارًا مؤقتًا ويهدّئ المخاوف الاستثمارية. الثاني هو سيناريو التصعيد، حيث تُفعّل واشنطن الرسوم وترد بكين بقيود انتقائية، وهو ما سيضغط على أسهم الشركات الصناعية ويؤثر على ثقة المستثمرين في قطاعي التصنيع والطاقة النظيفة. أما الثالث، فيرتبط بتسريع الغرب لاستراتيجيات تنويع مصادر المعادن النادرة وبناء طاقات معالجة محلية، وهو مسار طويل الأمد يحتاج سنوات لتقليل الاعتماد على الصين فعليًا. وحتى تتضح الاتجاهات، ستظل الأصول المرتبطة بالطاقة والدفاع في بؤرة التقلبات، فيما يترقب المستثمرون أي تحول من خطاب سياسي إلى إجراءات تنفيذية باعتباره اللحظة الفاصلة التي تحدد انعكاسات الأزمة على السلع والأسهم والعملات.

 انعكاسات على الدولار الأمريكي

من زاوية أسواق العملات، التهديد بفرض رسوم 200% على الصين يعزز حالة عدم اليقين، وهو ما ينعكس عادة في تقلبات مؤشر الدولار الأميركي (DXY). على المدى القصير، قد يستفيد الدولار من تدفقات الملاذ الآمن، خاصة مع تزايد المخاطر الجيوسياسية والتجارية التي تدفع المستثمرين إلى الأصول الأكثر سيولة وأمانًا. لكن على المدى المتوسط، أي تصعيد فعلي قد يضغط على التوقعات الاقتصادية الأميركية، خصوصًا إذا انعكس في ارتفاع تكاليف الواردات وتعطّل سلاسل التوريد للصناعات الاستراتيجية، ما يضع ضغوطًا إضافية على النمو والتضخم. هذا التناقض يجعل الدولار عرضة لتحركات متذبذبة، حيث تتنازع قوته بين عامل “المخاطر العالمية” الداعم له، وعامل “تراجع التوقعات الاقتصادية” الذي قد يحد من زخمه، وهو ما يفرض على المتعاملين في أسواق العملات متابعة البيانات والقرارات التنفيذية عن كثب.