الدولار النيوزيلندي يهبط بقوة بعد قرار خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي النيوزيلندي

الدولار النيوزيلندي يتراجع بقوة، والمركزي يفتح الباب لمزيد من التيسير

تراجع الدولار النيوزيلندي إلى أدنى مستوياته في أربعة أشهر، متأثراً بقرار بنك الاحتياطي النيوزيلندي (RBNZ) بخفض أسعار الفائدة ربع نقطة كما هو متوقع، لكن مع تلميحات أكثر تشدداً مما كان يتوقعه السوق، حيث ترك الاحتياطي النيوزلندي الباب مفتوحاً لجولة جديدة من التيسير النقدي في الأشهر المقبلة، ما دفع العملة النيوزلندية للتراجع بأكثر من 1%.

القرار والتوقعات: خفض وتهديد بمزيد من التخفيضات

في خطوة تهدف إلى دعم النمو الاقتصادي، خفض البنك المركزي سعر الفائدة الرسمي بمقدار 25 نقطة أساس ليصل إلى 3.0%، وهو أدنى مستوى يسجله في ثلاث سنوات.

يمثل هذا القرار الخفض السابع على التوالي منذ أغسطس 2024، ليصل إجمالي خفض أسعار الفائدة خلال هذه الدورة إلى 250 نقطة أساس.

ولم يكن القرار نفسه هو المفاجأة الكبرى، بل كانت التوقعات واللغة التي أحاطت به.

فقد قام البنك بتخفيض توقعاته الدنيا لسعر الفائدة إلى 2.55%، من 2.85% التي كان قد توقعها في مايو الماضي، مما يشير إلى أن المسار التصحيحي لم ينته بعد.

انقسام داخل اللجنة وميول نحو التيسير الحاد

الأمر الأكثر إثارة للقلق كان انقسام أعضاء لجنة السياسة النقدية المكونة من 6 أفراد، حيث صوت عضوين لصالح خفض أكبر بمقدار 50 نقطة أساس.

هذا الانقسام يعد إشارة قوية على أن هناك قلقاً حقيقياً داخل البنك حول صحة الاقتصاد، وأن هناك ميولاً قوية نحو تبني سياسة نقدية أكثر عدوانية لمواجهة التباطؤ المتوقع.

سبب التشاؤم: مراجعة شاملة للتوقعات الاقتصادية

يكمن السبب الرئيسي وراء هذا الموقف التيسيري في النظرة المتشائمة للبنك تجاه الآفاق الاقتصادية المحلية.

ففي خطوة تعكس تراجعاً واضحاً في الثقة، أجرى البنك تخفيضات واسعة النطاق وجوهرية لتوقعاته بشأن مؤشرات رئيسية عدة، أبرزها:

- نمو الناتج المحلي الإجمالي.

- معدل البطالة.

- نمو أجور القطاع الخاص.

هذه المراجعة التنازلية تعني أن صناع السياسة يشعرون بضرورة التحرك السريع وبقوة أكبر للحيلولة دون مزيد من التدهور.

ماذا بعد؟ توقعات مسار الفائدة

بناءً على هذه الخلفية، أصبحت توقعات الأسواق واضحة: فاحتمالية خفض آخر في اجتماع أكتوبر المقبل تقدر بنحو 50%، بينما يُتوقع بشكل شبه مؤكد (بنسبة تتجاوز 100%) حدوث خفض جديد في نوفمبر، ما لم تشهد البيانات الاقتصادية تحسناً مفاجئاً وغير متوقع.

رد فعل السوق: الدولار يتراجع والسندات ترتفع

كان رد فعل السوق فورياً وحاداً.

انخفض الدولار النيوزيلندي (NZD) بأكثر من 1%، ليتداول بالقرب من 0.5830 دولار أمريكي، وهو أدنى سعر يسجله منذ منتصف أبريل الماضي.

في المقابل، شهدت أسعار السندات الحكومية ارتفاعاً حاداً، حيث يتجه المستثمرون إلى الملاذات الآمنة متوقعين استمرار بيئة أسعار الفائدة المنخفضة لفترة أطول.

 

وفي النهاية يبدو أن بنك الاحتياطي النيوزيلندي يرسل رسالة واضحة مفادها أن صحة الاقتصاد المحلي تتقدم في أولوياته على قوة العملة.

مع استمرار التوقعات المتشائمة ووجود مجال لمزيد من التخفيضات، من المرجح أن يظل الدولار النيوزيلندي تحت وطأة الضغط على المدى القريب.