الوضع الحالي لأسعار النفط
شهدت أسواق النفط العالمية تقلبات حادة في الأيام الأخيرة نتيجة التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، فبعد أن ارتفعت أسعار الخام بشكل كبير يوم الجمعة الماضي بنسبة 7% لخام برنت و7.6% لخام غرب تكساس الوسيط 10، شهدت الجلسات التالية بعض التراجع حيث انخفضت العقود الآجلة لهما.
ومع ذلك، لا تزال الأسعار مرتفعة بنحو 10%، مما يعكس حالة من عدم اليقين في الأسواق.
العوامل المؤثرة على أسعار النفط حالياً
- مخاوف تعطل الإمدادات: أدى التصعيد الأخير إلى مخاوف من تعطيل شحنات النفط من منطقة الشرق الأوسط، خاصة مع تهديدات محتملة بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر عبره حوالي 20% من إمدادات النفط العالمية.
- الضربات على البنية التحتية للطاقة: استهدفت إسرائيل منشآت نفطية وغازية إيرانية، بما في ذلك حقل بارس الجنوبي للغاز، مما أثار مخاوف من تأثير ذلك على الإنتاج الإيراني الذي يبلغ حوالي 3.3 مليون برميل يومياً.
- ردود فعل الأسواق المالية: لجأ المستثمرون إلى أصول الملاذ الآمن مثل الذهب الذي ارتفع بنسبة 1.4%، بينما شهدت أسهم شركات الطيران انخفاضات حادة تصل إلى 5%.
السيناريوهات المحتملة وتأثيرها على أسعار النفط
- السيناريو الأول: التهدئة الدبلوماسية
في حال نجاح الجهود الدبلوماسية، خاصة من قبل مجموعة الدول السبع والولايات المتحدة، قد تشهد الأسعار استقراراً ثم تراجعاً تدريجياً.
من المتوقع في هذه الحالة عودة الأسعار إلى مستويات دولاراً للبرميل وأقل منها.
قد تعمل أوبك+ على زيادة الإنتاج تدريجياً لتعويض أي نقص، حيث تمتلك السعودية والإمارات طاقة فائضة تصل إلى 3.5 مليون برميل يومياً.
- السيناريو الثاني: استمرار المواجهات المحدودة
إذا استمرت المواجهات بين إسرائيل وإيران دون توسع إقليمي، قد تشهد الأسعار تقلبات حول المستويات الحالية.
قد تصل الأسعار إلى 80-85 دولاراً للبرميل في حال استمرار التهديدات لمضيق هرمز دون إغلاق فعلي.
ستظل مخاطر الشحن البحري مرتفعة، مع زيادة تكاليف التأمين على الناقلات.
- السيناريو الثالث: التصعيد الإقليمي الواسع
في حال توسع النزاع ليشمل دولاً أخرى أو إغلاق مضيق هرمز، قد تشهد الأسعار قفزات حادة لتتجاوز 100 دولار للبرميل.
بعض التوقعات تشير إلى إمكانية وصول الأسعار إلى 120-150 دولاراً في أسوأ الحالات.
قد تضطر الدول المستهلكة إلى استخدام الاحتياطيات الاستراتيجية، كما حدث خلال الأزمات السابقة.
قدرة أوبك+ على التعويض وإدارة السوق
أفادت تقارير بأن تحالف أوبك+ يمتلك طاقة إنتاجية فائضة تكفي لتعويض أي انقطاع في الإمدادات الإيرانية، حيث تبلغ الطاقة الفائضة للإنتاج حوالي 3.3 مليون برميل يومياً، وهو ما يعادل تقريباً إنتاج إيران الحالي.
تتمكز هذه الطاقة بشكل رئيسي في السعودية (2.5 مليون برميل إضافية) والإمارات (1.4 مليون برميل إضافية).
ومع ذلك، يشكك بعض المحللين في القدرة الفعلية على زيادة الإنتاج بهذه السرعة، حيث أن جزءاً من هذه الطاقة موجود على الورق فقط.
ما هي المخاطر الرئيسية التي تهدد استقرار السوق؟
- مضيق هرمز: يظل أهم نقطة اختناق في تجارة النفط العالمية، حيث يمر عبره حوالي 18-19 مليون برميل يومياً.
- البنية التحتية للطاقة في الخليج: أي هجمات على منشآت الطاقة في السعودية أو الإمارات قد تؤدي إلى صدمة إمدادات كبيرة.
- العقوبات على الصادرات الإيرانية: قد تؤثر على تدفقات النفط إلى الصين، المشتري الرئيسي للنفط الإيراني (1.8 مليون برميل يومياً).
- تأثير الحرب على الاقتصاد العالمي: قد يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى تفاقم التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي، خاصة في الدول المستوردة للطاقة.
توقعات المحللين والخبراء
يرى بعض المحللين أن الأسواق قد بالغت في رد الفعل، وأن الأسعار قد تتراجع قريباً في ظل وفرة المعروض.
يشير آخرون إلى أن الوضع الحالي مختلف عن أزمات سابقة بسبب محدودية الطاقة الاحتياطية الفعلية.
يتوقع بنك جولدمان ساكس أن تعود الأسعار إلى نطاق 55-59 دولاراً في الربع الرابع من 2025 إذا لم تحدث اضطرابات كبيرة.
ولمشاهدة تحليل وتوقعات أولكس فوركس الفنية لتحركات النفط الخام الفترة القادمة من هنا
وفي النهاية تظل أسواق النفط في حالة تأهب قصوى مع استمرار التوترات في الشرق الأوسط. بينما تشير المؤشرات الحالية إلى أن الأسواق لم تستوعب بعد أسوأ السيناريوهات، فإن أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى صدمات كبيرة في الإمدادات وقفزات حادة في الأسعار.
في المقابل، تمتلك أوبك+ أدوات لامتصاص الصدمات قصيرة المدى، لكن القدرة على التعامل مع أزمة ممتدة تبقى محدودة.
