ترامب يلوّح وباول يصمد: الأسواق في حالة ترقب مشحونة
في مشهد يعيد إلى الأذهان توتر العلاقات بين السلطة التنفيذية والبنك المركزي، عاد الرئيس السابق دونالد ترامب ليمارس ضغوطًا علنية على جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، مطالبًا بخفض عاجل لأسعار الفائدة إلى ما يقارب 1%، رغم استقرارها حاليًا عند 4.25% – 4.50%. التصريحات التي أطلقها ترامب مؤخرًا، والتي لمّح خلالها إلى احتمال "إقالة" باول، أثارت عاصفة من ردود الأفعال داخل الأسواق المالية، ودفعت مؤشرات مثل الدولار الأمريكي وسندات الخزانة إلى تقلبات ملحوظة، بينما ازداد إقبال المستثمرين على الذهب كملاذ آمن. التحذيرات تتوالى من أن مثل هذا التدخل السياسي قد يهزّ ثقة الأسواق في استقلالية الفيدرالي الامريكي ، مما يضع الاقتصاد الأمريكي على حافة "فقدان الاتزان النقدي".
باول يتحدث قريبًا ولكن هل الأسواق مستعدة لسماع الحقيقة؟
الأنظار تتجه إلى خطاب باول المرتقب خلال اجتماع السياسة النقدية للفيدرالي في 29–30 يوليو. التوقعات تشير إلى أن لجنة السوق المفتوحة ستُبقي أسعار الفائدة ثابتة، في ظل ارتفاع التضخم الأساسي إلى 2.9% على أساس سنوي في يونيو. لكن الترقب لا يدور حول القرار بقدر ما يتركز على لهجة الخطاب؛ هل سيلمح باول إلى خفض محتمل في سبتمبر؟ أم سيتمسك بالنهج الحذر الذي يشترط توفر "بيانات أكثر موثوقية" قبل اتخاذ أي تحرك؟ من جهة أخرى، يراقب المستثمرون انعكاسات الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها الإدارة على واردات من آسيا، والتي قد تُضاف إلى التحديات التضخمية. باختصار، الأسواق تحتاج إلى يقين، وباول هو من يملكه أو لا.
السياسة تقترب من قلب الفيدرالي والخطر ليس اقتصاديًا فقط
بعيدًا عن الأرقام والمؤشرات، يكمن الخطر الأكبر في جرّ السياسة النقدية إلى ساحة الصراعات السياسية. فالهجوم المتواصل على باول، وخاصة انتقاد مشروع تحديث مقر الاحتياطي الفيدرالي بكلفة 2.5 مليار دولار (والذي وصفه ترامب بـ"الإسراف")، ليس مجرد خلاف إداري، بل يمثل تهديدًا لاستقلال المؤسسة التي تشكل عمودًا فقريًا للاقتصاد الأمريكي. التدخل في عمل الفيدرالي، إذا ما حدث، قد يُضعف ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، ويعيد سيناريوهات الأسواق الناشئة حيث يتم الضغط على البنوك المركزية لأهداف انتخابية. الذهب يصعد، الدولار يتذبذب، والنظام المالي يواجه لحظة اختبار حقيقية وكل الأنظار تتجه إلى واشنطن.
