!ارتفاع طفيف في أسعار النفط ولكن

هل تنحسر المخاوف من فائض المعروض في 2026 ؟

ارتفعت أسعار النفط بشكل طفيف مع بداية تعاملات الأسبوع، في حركة تعكس حالة الترقب التي تسيطر على السوق العالمية.

يأتي هذا الارتفاع المحدود وسط تناقض حاد بين مؤثرات صاعدة وأخرى هابطة، حيث يقف التجار عند مفترق طرق بين مخاوف فائض المعروض العالمي المرتقب عام 2026، وبين الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في أوكرانيا التي قد تغير خريطة الإمدادات.

يدور السؤال الرئيسي الآن: هل يمثل هذا الارتفاع الطفيف مجرد ومضة قبل عودة الاتجاه الهبوطي، أم أنه البداية لتعافٍ حقيقي بفضل القرارات الاستباقية لتحالف أوبك+؟

 

ارتفاع طفيف في بحر من المخاوف

شهدت تعاملات بداية الأسبوع ارتفاعًا في العقود الآجلة للنفط، حيث صعد خام برنت فوق مستوى 63 دولارًا للبرميل، بينما اقترب خام غرب تكساس الوسيط من 59.5 دولارًا.

لكن هذه المكاسب بقيت هشة ومحدودة النطاق، إذ لا يزال المؤشران القياسيان قريبين من أدنى مستوياتهما منذ أواخر أكتوبر الماضي.

ويرجع هذا الضعف إلى عاملين رئيسيين:

- مخاوف فائض المعروض: لا يزال التجار قلقين بشأن فائض العرض العالمي المتوقع العام المقبل، خاصة مع زيادة إنتاج دول أوبك+ والمنتجين المنافسين رغم ضعف نمو الطلب.

- مفاوضات السلام الأوكرانية: تثير المحادثات الرامية لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا مخاوف من أن تُرفع العقوبات عن النفط الروسي، مما قد يطلق كميات إضافية في سوق تعاني بالفعل من وفرة في المعروض.

 

أوبك+ تعلن وقف زيادات الإنتاج

في خطوة استباقية لمواجهة سيناريو الفائض المتوقع، اتخذ تحالف أوبك+ قرارًا استراتيجيًا بتعليق جميع زيادات الإنتاج المخطط لها خلال الربع الأول من عام 2026.

وكان التحالف قد بدأ سابقًا في إعادة كميات كبيرة من النفط إلى السوق خلال عام 2025 بوتيرة أسرع مما كان متوقعًا.

يأتي هذا القرار بعدما أبدت دول التحالف، وعلى رأسها السعودية، مخاوفها من هبوط سعر خام برنت إلى ما دون 60 دولارًا للبرميل.

ويهدف القرار بشكل واضح إلى منع تراكم المخزونات وإرسال رسالة طمأنة للسوق بأن التحالف لن يترك الأسعار العالمية تنهار.

 

توقعات 2026: مشهد هابط مع مخاطر صاعدة

تتجه معظم التوقعات الرسمية إلى تشكيل فائض في السوق وتراجع في الأسعار العالمية خلال العام المقبل.

و يُتوقع أن يبلغ الطلب العالمي على النفط نموًا متواضعًا يتراوح بين 800 ألف و 1.4 مليون برميل يوميًا في 2026، بينما قد يصل العرض العالمي إلى 107.4 مليون برميل يوميًا.

وتشير بعض التحليلات إلى أن فائض المعروض قد يتجاوز 2 مليون برميل يوميًا في ذروته خلال النصف الأول من 2026.

 

سيناريوهات مستقبلية: بين التعافي والانهيار

يواجه مسار أسعار النفط خلال العام المقبل عدة احتمالات، تحددها مجموعة من العوامل:

- السيناريو الأساسي (الأكثر ترجيحًا): استمرار الضغوط الهبوطية مع متوسط لخام برنت بين 55 و 60 دولارًا، مدعومًا بفائض المعروض، والنمو المحدود للطلب، وفعالية قرار أوبك+ في منع انهيار حاد.

- السيناريو الصعودي: قد تدفع اضطرابات جيوسياسية كبرى (مثل تصعيد مفاجئ في الشرق الأوسط) أو فشل العقوبات في تقييد الإمدادات الروسية بشكل فعّال، ومنها نتوقع ان ترتفع الأسعار مجددًا نحو منتصف السبعينيات دولارًا.

 

المخاطر الجيوسياسية: العامل الأكثر صعوبة في التقدير

رغم أن التوترات الجيوسياسية (مثل الهجمات على البنية التحتية للطاقة في روسيا أو التوتر مع فنزويلا) تقدم دعمًا مؤقتًا للأسعار، إلا أن السوق قد تشبع من هذه الأحداث، خاصة مع وجود طاقة إنتاجية فائضة كبيرة لدى أوبك+ كانت تشكل سابقًا شبكة أمان. ومع تقلص هذه الطاقة الفائضة بسبب زيادة الإنتاج، قد يصبح السوق أكثر تقلبًا وحساسية لأي صدمات إمدادات مفاجئة في المستقبل.

 

وفي النهاية تسير أسواق النفط حاليًا في مفترق طرق، ويظل العامل الحاسم هو قدرة أوبك+ على الإدارة الدقيقة للمعروض وسط نمو طلب عالمي ضعيف، ومرونة الإنتاج الصخري الأمريكي الذي قد يتراجع إذا استقرت الأسعار العالمية تحت عتبة الربحية التي تبلغ حوالي 65 دولارًا للبرميل.