الفضة تقترب من أعلى مستوى لها في 14 عامًا
شهدت أسعار الفضة قفزة ملحوظة اليوم الأربعاء لتتداول أعلى مستوى 44 دولارًا للأونصة، مسجلةً أعلى مستوى لها منذ عام 2011 .
هذا الأداء القياسي هو نتاج تشابك مجموعة من العوامل الاقتصادية الكلية والأساسيات الصناعية القوية.
فما هي المحركات الاقتصادية الكلية وراء هذا الصعود للفضة
1- توقعات السياسة النقدية التيسيرية
تشير أداة FedWatch التابعة لمجموعة CME إلى أن الأسواق تُسعّر احتمالية بنحو 90% لخفض سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في اجتماع أكتوبر المقبل .
يؤدي خفض أسعار الفائدة إلى تقليل العائد على الأصول ذات الدخل الثابت مثل السندات، مما يزيد من جاذبية المواد الخام غير المُدرة للعائد مثل الذهب والفضة، ويشجع المستثمرين على تحويل رؤوس أموالهم إليها بحثًا عن عوائد أفضل.
2- ضعف الدولار الأمريكي
انخفض مؤشر الدولار يوم أمس الثلاثاء ليبتعد عن أعلى مستوى في أسبوعين، ونظرًا لأن الفضة مُسعّرة بالدولار عالميًا، فإن ضعف العملة الأمريكية يجعل شراءها أرخص للمستثمرين الذين يحملون عملات أخرى، مما يعزز الطلب العالمي عليها ويدفع أسعارها للأعلى.
3- التوترات الجيوسياسية والطلب الملاذ الآمن
دفعت التوترات الجيوسياسية، وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية والتهديدات الأمريكية بفرض تعريفات جديدة على روسيا، المستثمرين نحو الأصول الآمنة مثل الفضة والذهب للتحوط من عدم اليقين الذي يحيط بالاقتصاد العالمي .
تعليقات الفيدرالي وتأثيرها على السوق
أعاد المتداولون تقييم توقعاتهم بعد الخطاب المتأني الذي ألقاه رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يوم أمس الثلاثاء.
وحذّر باول من أن توقيت خفض أسعار الفائدة لا يزال غير مؤكد، واصفًا الوضع الحالي بالوضع الصعب الذي يواجه الفيدرالي في محاولته لموازنة بين مكافحة التضخم المستمر وحماية سوق العمل من مزيد من الضعف .
ومن الجدير بالذكر أن باول أشار إلى أن التضخم الناجم عن الرسوم الجمركية لا يزال حتى الآن في أدنى مستوياته المتوقعة، مما يفسح المجال لتبني موقف نقدي أقل تقييدًا في المستقبل .
هذه التصريحات، وإن كانت حذرة، أعطت السوق بعض الأمل في استمرار المسار التيسيري لاحقًا هذا العام.
الأساسيات الصناعية: الدعامة الخفية لأسعار الفضة
بعيدًا عن العوامل المالية، تمتلك الفضة قاعدة طلب صناعي ضخمة تميزها عن كثير من الأصول وتدعم أسعارها، حيث يُشكل الطلب الصناعي ما يقرب من 60% من إجمالي الطلب العالمي على الفضة.
فما هي أهم القطاعات التي تساعد على أرتفاع أسعار الفضة:
1- قطاع الطاقة الشمسية
تعتبر الفضة مكونًا حيويًا في تصنيع الخلايا الكهروضوئية للألواح الشمسية بسبب موصليتها الكهربائية الفائقة.
ومع التوسع العالمي في مشاريع الطاقة المتجددة، من المتوقع أن يستمر الطلب من هذا القطاع في النمو بشكل مطرد.
2- صناعة السياراات الكهربائية
تُستخدم الفضة بشكل مكثف في السيارات الكهربائية والهجينة، حيث تدخل في صناعة الموصلات الكهربائية عالية الأداء، وأنظمة إدارة البطاريات، وشواحن المركبات.
كما تحتوي السيارة الكهربائية على كمية من الفضة تفوق تلك المستخدمة في السيارة التقليدية بشكل كبير، مما يضع هذا القطاع كأحد أهم محركات الطلب المستقبلية.
3- الإلكترونيات الاستهلاكية
تبقى الفضة عنصرًا أساسيًا في صناعة الإلكترونيات، من الهواتف الذكية إلى الأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر.
التوقعات المستقبلية: ما الذي ينتظر الفضة؟
على المدى القصير: ستراقب الأسواق عن كثب خطابات مسؤولي الفيدرالي هذا الأسبوع، كما ننتظر غدًا بيانات النمو، بالإضافة إلى بيانات مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي (PCE) الذي يصدر يوم الجمعة، وهو المقياس المفضل للفيدرالي لقياس التضخم.
أي إشارات أكثر وضوحًا حول مسار أسعار الفائدة ستؤثر حتمًا على اتجاهات السوق .
على المدى الطويل: تُشير التوقعات إلى أن سوق الفضة سيبقى في حالة عجز للعام الخامس على التوالي، حيث يتجاوز الطلب العالمي المعروض المتاح .
يستمر الطلب الصناعي، خاصة من قطاعات الطاقة النظيفة والتحول الرقمي في النمو، بينما تظل قيود العرض قائمة، مما يعطي دعمًا قويًا للأسعار في الأجل المتوسط والطويل.
