تراجع أسعار الذهب مع ترقب بيانات أمريكية حاسمة اليوم

هل نشهد اليوم انعطافًا جديدًا ام مزيد من الصعود للذهب

شهدت أسعار الذهب تحركًا هبوطيًا اليوم الثلاثاء، حيث تراجع المعدن النفيس من مستويات قريبة من القمة ليستقر حول 4280 دولارًا للأونصة.

يأتي هذا التراجع في أعقاب مكاسب استمرت 5 جلسات متتالية، حيث لجأ المستثمرون إلى جني الأرباح تحسبًا لحزمة من البيانات الاقتصادية الأمريكية المصيرية التي قد تحدد مسار السياسة النقدية العالمية وأسواق السلع.

 

انتظار محفوف بالمخاطر: البيانات الاقتصادية تقود المشهد

يواجه المستثمرون هذا الأسبوع فترة انتظار حرجة، حيث من المقرر صدور سلسلة من التقارير الاقتصادية الأمريكية المتأخرة والتي تأخر نشرها بسبب الإغلاق الحكومي السابق.

هذه البيانات ستسد فجوة معلوماتية كبيرة وستوفر أدلة جوهرية حول صحة الاقتصاد الأمريكي، مما سيؤثر بدوره على قرارات الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة.

وسيكون أهمها هو تقرير الوظائف غير الزراعية الأمريكية ثم معدلات البطالة، كما من المقرر صدور أيضًا بيانات مبيعات التجزئة والبيانات الأولية للتصنيع، بينما ستتم مراقبة قراءات التضخم لشهر نوفمبر، المقرر صدورها يوم الخميس.

 

أسعار الفائدة الأمريكية ومستقبل أسعار الذهب

يظل عامل أسعار الفائدة الأمريكية هو المحرك الأقوى لأسعار الذهب عالميًا، حيث يُظهر المعدن الأصفر حساسية عالية تجاه أي تلميحات حول مسار السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي.

وقد عززت التخفيضات السابقة للفائدة هذا العام من جاذبية الذهب كأصل لا يدر عائدًا، مما ساهم في قفزته بنسبة تتجاوز 60% منذ بداية العام.

حاليًا، تتوقع الأسواق المالية احتمالًا بنسبة 75.6% أن يبقي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماع يناير المقبل، على الرغم من توقع بعض المحللين لحدوث تخفيضين إضافيين خلال العام القادم.

وتشير أحدث توقعات أعضاء الفيدرالي إلى احتمال خفض واحد فقط لسعر الفائدة خلال عام 2026 وخفض اخر خلال عام 2027.

لذلك، ستبحث الأسواق بتركيز في بيانات هذا الأسبوع عن أي إشارات تؤيد أو تدحض هذه التوقعات.

 

عوامل أخرى داعمة للذهب

إلى جانب عامل أسعار الفائدة، تدعم عدة عوامل أخرى الاتجاه الصعودي طويل الأجل للذهب:

- شراء البنوك المركزية: تستمر البنوك المركزية العالمية، ولا سيما في الاقتصادات الناشئة، في تعزيز احتياطياتها من الذهب، مما يوفر دعماً هيكليًا للطلب.

- ضعف الثقة في الأصول التقليدية: لا يزال الذهب يجذب المستثمرين كبديل عن السندات السيادية والعملات في ظل بيئة اقتصادية غير مؤكدة.

- أداء قياسي للمعادن النفيسة: يتجه الذهب والفضة نحو تحقيق أفضل أداء سنوي منذ عام 1979، مما يعكس زخمًا صعوديًا قويًا في القطاع.

 

خلاصة التوقعات بعد صدور البيانات هذا الأسبوع

يبدو مستقبل الذهب القريب مقيدًا بنتائج البيانات الاقتصادية الأمريكية. السيناريوهات المحتملة هي:

- سيناريو هبوطي للذهب:

إذا أظهرت بيانات الوظائف (NFP) والتضخم قوة أكبر من المتوقع، فسيدفع ذلك الدولار الأمريكي للصعود ويؤخر توقعات خفض الفائدة، مما قد يزيد الضغط على أسعار الذهب ويدفعها نحو اختبار مستويات دعم أدنى.

- سيناريو صعودي للذهب:

إذا جاءت البيانات أضعف من التوقعات، خاصةً في تقرير الوظائف ومعدل البطالة، فستعود الآمال بقوة في تخفيضات فائدة أسرع وأعمق من الفيدرالي.

هذا السيناريو سيدفع الذهب للارتفاع مجددًا، وربما يقترب من اختبار مستوياته القياسية السابقة حول 4380 دولارًا للأونصة، بل والتوجه لتشكيل قمم جديدة.

 

وفي النهاية، يعيش سوق الذهب لحظة فارقة يتقاطع فيها التحليل الفني مع المشهد الأساسي الحاسم.

بينما قد يستمر التراجع قصير الأجل بسبب جني الأرباح، فإن الأساسيات القوية والمشترين الاستراتيجيين يشكلون حاجز دعم قويًا.

قرارات المستثمرين خلال الأيام القليلة المقبلة ستكون محكومة بانطباع السوق الجماعي تجاه صحة الاقتصاد الأمريكي والمسار الذي سيسلكه الاحتياطي الفيدرالي في رحلته لمكافحة التضخم دون إعاقة النمو.