ما مصير الذهب في ظل تضارب إشارات الاحتياطي الفيدرالي؟
شهدت أسواق الذهب يوم الخميس تراجعاً طفيفاً في الأسعار بعد أن كانت قد وصلت إلى أعلى مستوياتها في أسبوعين، في حركة يفسرها المحللون كعمليات جني أرباح تقليدية بعد مكاسب سابقة.
هذا التذبذب يأتي في وقت يواصل المستثمرون رصد أدق التطورات فيما يخص السياسة النقدية الأمريكية واحتمالية خفض أسعار الفائدة.
تقلبات الأسعار بين الصعود والهبوط
انخفض السعر الفوري للذهب بنسبة 0.5% ليصل إلى 4144 دولاراً للأونصة، كجني ارباح بعد الصعود الملحوظ الذي شهده المعدن النفيس.
لكن هذا الانخفاض لم يكن طويلاً، إذ عاد الذهب للارتفاع مرة أخرى إلى مستويات 4160 دولاراً للأونصة، مما يعكس حساسية السوق العالية لأي تطورات جديدة.
مصدر التقلبات: تضارب الإشارات من وول ستريت
السبب الجوهري لهذه التقلبات يتمثل في الإشارات المتضاربة الصادرة عن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
فمن جهة، أعلن مسؤولون مركزيون بارزون مثل جون ويليامز رئيس بنك نيويورك والمحافظ كريستوفر والر أن تخفيف السياسة النقدية في ديسمبر قد يكون مبرراً، مستندين في ذلك إلى ضعف مؤشرات سوق العمل الذي يضغط بدوره على عوائد سندات الخزانة الأمريكية.
لكن هذا الموقف وجد نفسه في مواجهة آراء مسؤولين آخرين في بنك الاحتياطي الفيدرالي، دعوا إلى التريث وانتظار مؤشرات أكثر إقناعاً حول اتجاه التضخم نحو الهدف المحدد بنسبة 2%.
هذا التضاد في المواقف يضع المستثمرين في حيرة من أمرهم، ويدفع بالعديد منهم إلى اللجوء لأدوات التحوط لحماية استثماراتهم من تقلبات السياسة النقدية.
توقعات السوق: هل خفض الفائدة في ديسمبر أصبح حتمياً؟
رغم هذه الاختلافات، يبدو أن توقعات السوق تميل بشكل كبير نحو خفض أسعار الفائدة.
حيث تشير العقود الآجلة إلى احتمال بنسبة 85% لخفض الفائدة في ديسمبر، وفقاً لأداة FedWatch التابعة لبورصة شيكاغو التجارية.
هذا التوجه يتوافق مع تصريحات كيفن هاسيت، المرشح الأوفر حظاً لخلافة جيروم باول، الذي أكد على ضرورة خفض أسعار الفائدة.
البيانات الاقتصادية
أظهرت بيانات طلبات إعانة البطالة الأسبوعية انخفاضاً، لكن ذلك لم يخف حقيقة أن سوق العمل لا يزال يعاني من صعوبة في توفير فرص عمل كافية.
كما تراجعت ثقة المستهلك الأمريكي في نوفمبر نتيجة المخاوف المتعلقة بالوظائف والتوقعات المالية للأسر.
الذهب في بيئة الفائدة المنخفضة
يستفيد الذهب تاريخياً من بيئة أسعار الفائدة المنخفضة، حيث أن انخفاض العائد على الأدوات المالية المنافسة يزيد من جاذبية المعدن الأصفر الذي لا يدر عائداً.
وهذا ما يفسر حرص المستثمرين على متابعة كل تطور في السياسة النقدية الأمريكية، حيث أن أي قرار بخفض الفائدة سيكون له تأثير مباشر على اتجاهات الذهب خلال الفترة المقبلة.
في النهاية، يبدو أن رحلة الذهب نحو مزيد من الاستقرار مرتبطة بمدى وضوح الرؤية حول السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي، والذي لا يزال يمثل أهم عامل مؤثر في تحركات السوق في الوقت الراهن.
