الذهب في طريقه لتحقيق مكاسب أسبوعية فمما العوامل وراء هذا الارتفاع؟
في ظل توقعات خفض أسعار الفائدة الأمريكية وتصاعد التوترات الجيوسياسية، يستعد الذهب لتحقيق مكاسب أسبوعية ثانية على التوالي، حيث يتداول بالقرب من 4,320 دولارًا للأونصة، مقترباً من أعلى مستوى قياسي له على الإطلاق.
جاء هذا الارتفاع بعد بيانات أظهرت تباطؤ التضخم في الولايات المتحدة إلى 2.7% في نوفمبر، وهو أقل من التوقعات البالغة 3.1%، مما عزز توقعات الأسواق ببدء الاحتياطي الفيدرالي في دورة خفض لأسعار الفائدة.
الوضع الحالي لأداء الذهب
حققت أسعار الذهب أداءً تاريخيًا هذا العام، حيث شهدت ارتفاعًا بنحو 65% منذ بداية العام 2025، لتحقق بذلك أقوى مكاسب سنوية لها منذ عام 1979.
ومنذ افتتاح جلسة اليوم الجمعة 19 ديسمبر 2025، يتداول المعدن النفيس بالقرب من مستوى 4,323 دولارًا للأونصة، بعد أن سجل في وقت سابق من الشهر أعلى مستوى قياسي له عند 4,381.60 دولار.
العوامل الأساسية المؤثرة على أسعار الذهب
1- توقعات السياسة النقدية الأمريكية
عزز انخفاض التضخم الأمريكي غير المتوقع إلى 2.7% في نوفمبر من توقعات المستثمرين بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يبدأ قريبًا في خفض أسعار الفائدة.
- توقع الأسواق حاليًا احتمالاً بنسبة 25% لخفض أسعار الفائدة في يناير 2026، مع شبه يقين بخفضها بحلول أبريل.
- يؤدي انخفاض أسعار الفائدة عادة إلى زيادة جاذبية الذهب كأصل لا يحمل عائداً مقارنة بالأصول المنتجة للدخل، مما يدفع الطلب عليه ويرفع أسعاره.
2- التوترات الجيوسياسية
ساهمت المخاطر الجيوسياسية المتعددة في دعم الطلب على الذهب كملاذ آمن تقليدي:
- توترات أوكرانيا: مع إعادة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التأكيد على مطالبته الإقليمية.
- أزمة فنزويلا: حيث علقت الولايات المتحدة شحنات النفط الفنزويلية الخاضعة للعقوبات بعد حادثة احتجاز ناقلة نفط.
- يعتبر الذهب ملاذاً آمناً للمستثمرين خلال فترات عدم الاستقرار، حيث يساعد في الحفاظ على رأس المال.
3- قوة الطلب من البنوك المركزية والمستثمرين
يشهد الذهب تحولاً جوهرياً في معنويات المستثمرين، مع اتجاه تدفقات رؤوس الأموال نحو الأصول الملموسة:
- زادت البنوك المركزية احتياطياتها من الذهب بمعدلات قياسية منذ عام 2022، حيث يعتبر 85% من مسؤوليها أن الذهب أداة آمنة في الأزمات.
- يبحث المستثمرون المؤسسيون والسياديون عن أصول خارج النظام المالي التقليدي، مما يضعف الارتباط العكسي التقليدي للذهب مع العائدات الحقيقية الأمريكية.
التوقعات المستقبلية لأسعار الذهب
تشير التوقعات المستقبلية إلى احتمالية استمرار الصعود، مع تنبؤات متفاوتة:
- على المدى القريب (نهاية 2025): يتوقع المحللون أن يرتفع السعر إلى نطاق يتراوح بين 4,400 و4,500 دولار للأونصة.
- خلال عام 2026: تتنبأ بعض المؤسسات المالية الكبرى مثل جولدمان ساكس وبنك أوف أمريكا بوصول سعر الذهب إلى 5,000 دولار للأونصة، مدفوعًا باستمرار توقعات خفض أسعار الفائدة والسياسات التجارية.
وفي النهاية، يبدو أن مستقبل الذهب واعدًا في ظل البيئة الاقتصادية والجيوسياسية الحالية.
يشير الأداء القياسي هذا العام إلى تحول استراتيجي في تفضيلات المستثمرين الذين يتجهون بقوة نحو الذهب كأصل يحافظ على القيمة.
مع ذلك، يجب على المستثمرين مراقبة تطورات البيانات الاقتصادية الأمريكية، خاصة التضخم وبيانات سوق العمل، التي ستحدد مسار السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي، وأيضًا وتيرة التصعيد الجيوسياسي في مناطق النزاع، كأوكرانيا والشرق الأوسط.
حيث يظل الذهب، كاستثمار، ملاذًا آمنًا تاريخيًا في الأوقات المضطربة، وعنصرًا أساسيًا لتنويع المحفظة الاستثمارية والتخفيف من المخاطر النظامية في ظل عالم يشهد تقلبات متزايدة.
