خام برنت يتراجع لليوم الثاني على التوالي
شهدت أسعار النفط تراجعًا ملحوظًا للجلسة الثانية على التوالي، حيث انخفضت العقود الآجلة لخام برنت إلى مستوى 64 دولارًا للبرميل، في مؤشر واضح على سيطرة مشاعر التشاؤم بين المتعاملين في السوق بفعل مخاوف تفاقم فائض المعروض العالمي وتراجع قوة الطلب.
ضغوط مزدوجة: مخزونات أمريكية قياسية وإنتاج متصاعد من أوبك+
تكشف البيانات الأخيرة عن عاملين رئيسيين يقفان خلف هذا التراجع.
- أولاً، أظهرت بيانات معهد البترول الأمريكي (API) ارتفاعًا مفاجئًا في مخزونات الخام الأمريكية بمقدار 6.5 مليون برميل الأسبوع الماضي، لتسجل أكبر زيادة منذ شهر يوليو، مما يشير إلى ضعف الاستهاج المحلي.
في المقابل، انخفضت مخزونات المنتجات البترولية المكررة، مما يخلق صورة مختلطة للطلب.
- ثانيًا، يواصل تحالف أوبك+ والدول المنتجة غير الأعضاء ضخ كميات كبيرة من النفط في الأسواق، مما يثير مخاوف المستثمرين من تخمة عالمية في المعروض تفوق حاجة المستهلكين.
أوبك+ بين زيادة الإنتاج وتعليق الخطط
في رد فعل يعكس إدراكها لتحديات السوق، وافق تحالف أوبك+ مؤخرًا على زيادة طفيفة في الإنتاج لشهر ديسمبر.
ومع ذلك، تكمن الرسالة الأكثر أهمية في خطط التحالف المستقبلية، حيث يُتوقع تعليق أي زيادات إضافية في أوائل عام 2026.
هذه الخطوة تُفسر على نطاق واسع كاعتراف من المنتجين الرئيسيين بضعف توقعات الطلب على المدى المتوسط، وتخوفهم من تفاقم فائض المعروض إذا ما استمروا في رفع مستويات الإنتاج.
تباطؤ النشاط الصناعي عالميًا يضعف آفاق الطلب على الطاقة
لا تقتصر المخاوف على جانب المعروض فقط، بل تمتد إلى جانب الطلب الذي يبدو متعثرًا.
فقد سلطت أحدث بيانات مؤشرات مديري المشتريات (PMI) للقطاع التصنيعي في اقتصادات كبرى مثل الصين والولايات المتحدة الضوء على تباطؤ النشاط الصناعي بشكل مخيب للآمال.
ونظرًا لأن الصناعة تمثل ركيزة أساسية للطلب على الطاقة والمنتجات البترولية، فإن هذا التباطؤ يضعف التوقعات بشأن قوة الطلب العالمي على النفط خلال الفترة المقبلة، مما يزيد الضغط الهبوطي على الأسعار.
توقعات السوق: هل يستمر الاتجاه الهبوطي لخام برنت؟
في ظل هذه العوامل المجتمعة، يتجه المشهد قصير الأجل لخام برنت نحو مزيد من التقلبات والضغوط الهبوطية.
يُركز المتعاملون حاليًا على البيانات الرسمية الأمريكية لمخزونات النفط من إدارة معلومات الطاقة (EIA) لتأكيد اتجاهات العرض.
كما أن أي تطورات جديدة بخصوص سياسات أوبك+ الإنتاجية أو علامات انتعاش الاقتصاد الصيني ستكون محط أنظار السوق، التي تبحث عن أي بصيص أمل يمكن أن يعيد التوازن ويوقف مسيرة التراجع.
وفي النهاية، يخضع خام برنت لعاصفة من العوامل السلبية تجمعت من جهة العرض بفعل المخزونات المرتفعة والإنتاج المتصاعد، ومن جهة الطلب مع تباطؤ النشاط الصناعي العالمي.
حتى تظهر بوادر واضحة على امتصاص هذا الفائض أو تحسن في مؤشرات الاقتصاد الكلي، يبدو أن السوق النفطية ستواصل تحليقها في منطقة عدم اليقين والهبوط.
